أخر الاخبار

انت والمال كيف تحفظ المال وتزيده وتجنب خسارته

كتاب انت والمال كيف تحفظ المال وتزيده وتجنب خسارته

كيف تحفظ المال وتزيده وتجنب خسارته

إن المال غني عن التعريف فما من إنسان إلا ويعرفه حق المعرفة، فشهرته تغطي كل أرجاء الكرة الأرضية.

وهو غني عن بيان مكانته عند الناس فهو الحبيب الغالي عند معظم الخلق ذكورهم وإناثهم، فالمال ضروري للإنسان للعيش في هذا الزمان وفي كل زمان، إلا في آخر الزمان حيث. سيكون المال وفيرا حتى لا يقبله أحد لعدم الانتفاع به، بل تكثر رغبة الناس في الصلاة التي تكون خيرا من الدنيا وما فيها لعلمهم بقرب الساعة بعد نزول عیسی.

قال سول الله صلى الله عليه وسلم : «والذي نفسي بيده، ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما مقسطا، فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها».

وحتى قبل هذا الوقت سيأتي على الناس زمان يكثر فيه الرزق والمال، حتى إن الخليفة لا يعد المال عدا بل يغرفه بيديه غرفا, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عددا».

والرزق أو المال غني أيضا عن شرح مدى فوائده الدنيوية التي يعرفها الناس جميعا، ولذلك تهالكوا في طلبه حتى أنساهم ذلك أو غفلوا عن ملاحظة. ومعرفة أمور وأشياء مهمة وخطيرة تتعلق بالمال وهي أمور منها ما أمر الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ما أو حث عليها وهي أسباب لكسب المال أو حفظه، أو زيادته.

ومنها ما نهى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم عنها أو حذر منها وهي أسباب لخسارة المال، أو إنقاصه، أو هلاكه.

وبلغت عناية القرآن الكريم للرزق والمال حدا كبيرا حتى تكرر لفظهما أكثر من مئتي مرة، أما كتب الحديث الشريف فقد طفحت بذكرهما.

من اين يأتي الرزق

هو سؤال وجهه زكريا عليه السلام إلى مريم البتول عليها السلام, قال الله تعالى : "﴿ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا ۖ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقًا ۖ قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّىٰ لَكِ هَٰذَا ۖ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ ۖ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾ .

فقد كانت مريم عليها السلام تعيش وحيدة في غرفة قد تفرغت لعبادة ربها، وكانت لا تخرج من هذه الغرفة ولا يدخل عليها أحد سوى زكريا ا الذي كفلها، فكان. يأتيها بما تحتاجه من الطعام والشراب، ولكنه كان كلما دخل عليها يفاجئ بوجود فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء. فيتعجب زكريا من ذلك ويسأل مريم: من أين لك هذا الرزق؟! فتجيبه بأنه من عند الله الذي يرزق من يشاء وهو خير الرازقين.

فقد خلق الله تعالى الأرض في يومين ثم دحاها في يومين آخرين فأخرج منها الماء والمرعى والزروع والأشجار والثمار وكل ما يحتاجه الإنسان والحيوان من رزق. وجعلها مباركة قابلة للخير والبذر والزراعة، وقدر فيها أقواتها وهو ما يحتاج إليه أهلها من الأرزاق والأماكن التي تزرع وتغرس، وجعل في كل أرض ما يصلح لها ولا يصلح في غيرها.

فالتفاح يصلح في أماكن ولا يصلح في أماكن أخرى، والزيتون يصلح في أماكن دون أماكن وكذلك جميع أنواع الخضار والفاكهة والحبوب وغير ذلك فلها أماكن ومواسم مخصوصة.

دوام الرزق في الأرض

ثم بعد خلق الأرض وتقدير الأقوات فيها خلق الله عز وجل الإنسان، ولم ينحصر رزق الله على ما سبق خلقه في الأرض من الأقوات. بل هو تعالى يرزق الإنسان الرزق المتواصل المستمر إلى قيام الساعة؛ ومن دلائل ذلك أن الله ـ جل شأنه وتقدست أسماؤه ـ يخلق الأنعام. من إبل وبقر وغنم ليأكل الإنسان من لحمها ويشرب من لبنها وينتفع بأصوافها وأوبارها وأشعارها المنافع المختلفة كالملابس الصوفية وغير ذلك, قال تعالى : ﴿ وَإِنَّ لَكُمْ فِى ٱلْأَنْعَٰمِ لَعِبْرَةً ۖ نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِى بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَٰفِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾.

ويمتن الله على الإنسان بأن يسخر له الدواب التي يركبها ويستخدمها في حمل الأثقال والنقل والسفر عليها إلى البلاد البعيدة وغير ذلك الأعمال. من ويذللها له حتى تكون بين يديه مقهورة ذليلة له لا تمتنع منه حتى أن الطفل الصغير يستطيع أن ينيخ البعير ويقيمه ويسوقه، فيمشي البعير معه مطيعا ذليلاً، ولو كانت القافلة مئة بعير لسار الجميع بسير الصغير.

الرزق والمال

الرزق هو الأصل لكل مال أو نقود، والرزق هو ما جعله الله تعالى في الارض من الاقوات التي لا تعد ولا تحصى ﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ .

فالثمرات و انواع الزرع التي لا حصر لها و المعادن النفسية كالذهب والفضة وغيرها، والمواد الخام كالحديد والألمنيوم والنحاس وغير ذلك، والنفط والغاز وغيره مما هو معروف. الآن أو مما سيكتشفه الناس ويحتاجونه في المستقبل مما أودعه الله تعالى باطن الأرض، وما يستخرج من البحر من أنواع الأسماك الكثيرة وكذلك المعادن النفيسة، وما خلقه الله تعالى. من الحيوان الذي سخره للإنسان لاستخدامه أو لأكله أو الانتفاع مما يخرج من بطنه من حليب أو عسل ونحو ذلك.

حتى الصخر والرمال ونحوها مما يوجد على الأرض بكثرة فكل ذلك رزق ومال يمكن مبادلته بأي نوع آخر من الرزق، وهذا هو الأصل في التعامل. بين الناس حيث يبادل الإنسان كمية مما عنده من الرزق سواء كان ذلك تمرا أو قمحا أو بيضا أو غير ذلك بما يحتاجه من طعام آخر أو لباس أو مركب ونحو ذلك.

أما سبب وجود النقود فلأنه قد كثر الناس وكثر الرزق في أيديهم، ونشأت عدة صعوبات في استخدامه، ومن ذلك صعوبة حمله ونقله من مكان إلى آخر. وصعوبة التوافق المزدوج بين صنفين من الرزق، فصاحب التمر مثلاً قد لا يجد من يبادله بما هو في حاجة. إليه من اللباس أو غير ذلك.

وصعوبة قياس كمية السلعة بكمية سلعة أخرى، وصعوبة التجزئة وتكافئ الشيء التافه مع سلعة أخرى، وصعوبة حفظ السلع من التلف واحتفاظها. بقيمتها لتكون مستودعا للثروة وقوة للشراء المطلق. فاحتاج الناس إلى وسيلة يحصل بها التغلب على هذه. الصعوبات ويسهل حملها والتعامل بها واستخدامها وسيطا للتبادل العام تنوب عن الرزق الأصلي، ويمكن استخدامها مقياسا للقيم والثمن، وخزانة للثروة، وقوة شرائية مطلقة.

رزق الانسان وماله

إن أول ما يحتاجه الإنسان لمعرفة كيف يكسب المال أو يزيده أو يحفظه من المفاسد أو يتجنب خسارته وهلاكه هو أن يعرف بأن رزق أي إنسان وحجم المال الذي سوف يجنيه طوال. حياته أمر قد تم الفراغ منه منذ أن كان هذا الإنسان في رحم أمه؛ فالله تبارك وتعالى يرسل ملكا يكتب رزق هذا الإنسان الذي لا زال جنينا في رحم أمه كما قدر الله عز وجل له؛ فقد أخبرنا. رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال : إن احدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا يؤمر بأربع كلمات ويقال له: اكتب عمله ورزقه وأجله وشقي أو سعيد. ثم ينفخ فيه الروح .

فالله تبارك وتعالى يحتج على المشركين بأنه الخالق الرازق الذي يخرج الإنسان من بطن أمه عريانا ثم يرزقه ما يحتاج إليه في معاشه وقيامه. من المال والممتلكات وأنواع المكاسب، فهل الذين يعبدولهم من دون الله من يفعل شيئا من ذلك؟

كلا لا يقدر أحد منهم على فعل شيء من ذلك, بل الله سبحانه وتعالى هو المستقل بالخلق والرزق والإحياء والإماتة، تبارك وتعالى وعز وجل وتقدس وتنزه. عن أن يكون له شريك أو نظير أو مساو أو ولد أو والد، بل هو الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد و لم يكن له كفوا أحد.

محمد الصادق عثمان
بواسطة : محمد الصادق عثمان
محمد الصادق محمد عثمان طالب جامعي في جامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا
تعليقات




    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -