احكام الأوراق التجارية الفقه الإسلامي
ومن مقتضيات كمال الشريعة أنها صالحة لكل زمان ومكان، وما من قضية تقع إلا والله تعالى فيها حكم، علمه من علمه وجهله من جهله، ولذلك فقد عني فقهاؤنا ـ رحمهم الله - على تعاقب العصور باستنباط أحكام القضايا ـ والنوازل من نصوص الكتاب والسنة..، وتدوينها في مصنفات كونت ثروة فقهية عظيمة . . ، ولئن كان لعلم الفقه منزلة رفيعة من بين علوم الشريعة فإن خير ما تجدر العناية به من أبواب هذا العلم ما كانت الحاجة إليه ماسة في واقع الناس، ومن ذلك ما استجد من معاملات معاصرة متعددة ومتجددة ومتشعبة المسالك . . ، وتحتاج الأمة إلى تجلية وتوضيح حكم الله ورسوله فيها .
ومن هنا فإن على فقهاء الأمة والمعتنين بدراسة الفقه مسؤولية عظيمة في تبيين الحكم الشرعي في هذه المعاملات بعد دراستها دراسة وافية وعميقة . . . ومن هذا المنطلق حرصت أن أسهم ـ ولو بجهد المقل - في تناول موضوع ومن هنا فإن على فقهاء الأمة والمعتنين بدراسة الفقه مسؤولية عظيمة في تبيين الحكم الشرعي في هذه المعاملات بعد دراستها دراسة وافية وعميقة . . . ومن هذا المنطلق حرصت أن أسهم ـ ولو بجهد المقل.
كتاب احكام الأوراق التجارية في الفقه الإسلامي للدكتور سعد بن تركي بن محمد الخثلان و أصل هذا البحث هو اطروحة قدمت لنيل درجة الدكتوراه من قسم الفقه في كلية الشريعه بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض و قد نال الكاتب درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف الأولى.
في الفقه الإسلامي، تعتبر الأوراق التجارية أدوات مهمة في التعاملات التجارية والمالية. وتتضمن الأوراق التجارية مجموعة من الوثائق والعقود التي تُستخدم في الممارسات التجارية المختلفة. ومن أبرز الأوراق التجارية في الفقه الإسلامي:
- السند التجاري (الشيك): يُعتبر الشيك أحد أنواع الأوراق التجارية المهمة. وهو وثيقة مكتوبة يصدرها صاحب الحساب المصرفي (المجرَّد) لصالح شخص آخر (المجرَّد له)، وتكون فيه مبلغ محدد يُستحق للمجرَّد له. ويُعتبر الشيك وثيقة قابلة للتداول، حيث يمكن للمجرَّد له أن ينقل حق استلام المبلغ المذكور في الشيك لشخص آخر.
- السند التجاري المستند إلى الدين (السند التجاري المستند إلى الأجل): يُعتبر هذا السند مثل الشيك، إلا أنه يحمل تاريخ استحقاق في المستقبل. ويكون هذا السند عبارة عن وثيقة تلتزم فيها الجهة المدينة بدفع مبلغ محدد إلى الجهة المستحقة في تاريخ معين.
- فاتورة البيع: تُعتبر فاتورة البيع وثيقة تجارية تُصدرها الشركة أو التاجر للعميل لتوثيق عملية البيع وشروطها. وتشتمل على تفاصيل المنتجات المباعة والأسعار وطرق الدفع وأي شروط أخرى متعلقة بالصفقة التجارية.
- العقد التجاري: يُعد العقد التجاري أحد الأوراق التجارية الهامة في الفقه الإسلامي. ويشمل العقد التجاري التزامات الأطراف المتعاقدة فيما يتعلق بالتجارة، مثل شروط الشراء والبيع والتسليم والدفع والضمانات وغيرها.
- الإيصال: يُعتبر الإيصال وثيقة تثبت استلام المبلغ المالي أو السلعة من طرف الشخص المستلم. ويكون الإيصال عادةً بشكل مكتوب يحتوي على تفاصيل المبلغ أو السلعة وتاريخ الاستلام وتوقيع الشخص المستلم.
يجب أن يتم الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية في استخدام وتداول الأوراق التجارية، وينبغي أن تكون الصفقات التجارية مبنية على العدل والشفافية والمصلحة المشتركة بين الأطراف المتحترم الشريعة الإسلامية. ومن النصوص الشرعية التي تتعلق بالأوراق التجارية، يمكن الإشارة إلى مبادئ عامة مثل:
- الصدق والأمانة: يجب على الأطراف في التعاملات التجارية أن يكونوا صادقين وأمناء في جميع البيانات والمعلومات المتعلقة بالأوراق التجارية. على سبيل المثال، يجب على الشخص الذي يصدر شيكًا أن يكون لديه الرصيد الكافي في الحساب المصرفي لتغطية المبلغ المذكور في الشيك.
- احترام العقود: يجب على الأطراف أن يلتزموا بشروط العقود التجارية التي يوقعون عليها. ويجب أن تكون الشروط واضحة ومفهومة لجميع الأطراف المعنية.
- المصلحة المشروعة: يجب أن تكون الأوراق التجارية مبنية على المصلحة المشروعة لجميع الأطراف المعنية. ويجب تجنب الغش والاحتيال في التعاملات التجارية.
- احترام الأحكام الشرعية: يجب أن تكون الأوراق التجارية متوافقة مع الأحكام الشرعية الإسلامية. على سبيل المثال، قد تكون هناك بعض الشروط والأحكام المحظورة في الشريعة الإسلامية، مثل الربا والغمر في البيع والشراء.
يجب على المسلمين الاستشارة المتخصصين في الفقه الإسلامي والتجارة الشرعية لفهم تفاصيل وأحكام الأوراق التجارية بشكل أفضل وتطبيقها بطريقة صحيحة ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
دراسة الجانب القانوني من المسائل
انطلاقاً من القاعدة المشهورة (الحكم على الشيء فرع عن تصوره)، ولما يمثل تصوير المسألة من أهمية كبيرة في بحث المسألة، إذ أنه ينبني عليه . التخريج الفقهي والحكم الشرعي للمسألة.. فقد حرصت على تصوير المسائل من الناحية القانونية تصويراً تتضح به جميع جوانب المسألة ومتعلقاتها من الناحية القانونية . . ، وقد أخذ هذا التصوير من البحث حيزاً ليس بالقليل . . ، وقد سلكت فيه المنهج الآتي :
- التعريف بالمسألة المراد بحثها، مع التوضيح بالأمثلة عند الحاجة لذلك، بحيث يتضح للقارئ المقصود بها.
- ذكر ما يشترط لصحة المسألة من الناحية القانونية، مع توضيح كل شرط، وبيان ما يترتب على إهماله.
- ذكر الآثار القانونية للمسألة، مع توضيح كل أثر.
- التركيز في بحث الجوانب القانونية للمسألة على نظام الأوراق التجارية السعودي، والذي يتفق مع قانون جنيف الموحد للأوراق التجارية إلا في مسائل يسيرة مع التنبيه على تلك المسائل.
- توضيح بعض المسائل بأمثلة تطبيقية لقرارات صادرة عن مكاتب الفصل ولجان الأوراق التجارية، واللجنة القانونية للفصل في التظلمات من تلك القرارات بوزارة التجارة.
دراسة الجانب الفقهي الشرعي في المسائل
بعد دراسة كل مسألة من الناحية القانونية أقوم بدراستها من الناحية الفقهية الشرعية . . ، وقد سلكت في هذه الدراسة المنهج الآتي :
1 ـ أذكر التخريج الفقهي للمسألة، ومنهجي في ذلك : أنني أقوم بحصر أبرز ما قيل في المسألة من تخريجات، ثم أقوم بدراسة كل تخريج على حدة، وذلك بتوضيح المراد به أولاً، ثم إعطاء فكرة موجزة عن العقد المخرج عليه عند ذكره في البحث لأول مرة، وذلك بتعريفه في اللغة وفي اصطلاح الفقهاء، وبيان حكمه . . ، ثم أقوم بعد ذلك بمناقشة ذلك التخريج، وما أنقله في المناقشة من غيري فإنني أوثق ذلك النقل في الحاشية، وما لم يوثق فهو من إنشاء الباحث . . ، ثم بعد ذلك أبين التخريج الذي أرتضيه، مع بيان وجه الترجيح مع بيان وجه الترجيح أو الاختيار . .
2 - عند تخريج المسألة على مسألة فقهية خلافية أقوم بدراسة تلك المسألة المخرج عليها، وذلك بذكر أقوال العلماء فيها، مع الاقتصار على المذاهب الأربعة المشهورة، والعناية بذكر ما تيسر الوقوف عليه من أقوال السلف الصالح ..، وأرتب تلك الأقوال على حسب القوة، ثم أذكر أدلة كل قول مع مراعاة ترتيب الأدلة على ترتيب الأقوال، ثم أقوم بمناقشة تلك الأدلة مناقشة موضوعية، مع الحرص على أخذ تلك المناقشة من كتب أهل العلم، وأبدأ المناقشة بعبارة (وقد اعترض على هذا الاستدلال)، وإذا لم أجد للدليل مناقشة من كتب أهل العلم فإني أنظر فيه وأورد عليه ما يمكن إيراده.
3 - أذكر بعد ذلك الحكم الشرعي للمسألة بناء على ما ترجح في التخريج الفقهي لها.
4 - في حالة ترجيح القول بعدم الجواز، أذكر البديل لذلك مما هو مباح شرعاً انطلاقاً مما هو مقرر عند العلماء من أن الشريعة لا تحرم شيئاً إلا وتبيح بدله خيراً.